الخميس، 22 يونيو 2017

موت يا مبروك حتى يقدروك!

موت يا مبروك حتى يقدروك!
     بعض الزوجات لا يستطعن التعبير عن مشاعرهن نحو أزواجهن خوفاً من ردود الفعل الهوجاء... أما بعد أن يأتي أجلهم و يحل القضاء؛ فلا خوف عليهن و لا عليهم أيضاً من التعبير بطلاقة دون مواربة أو إخفاء.
     ففي ليلة ظلماء انهمرت فيها الدموع من السماء، حزناً على وفاة أحد الأصدقاء الأعزاء، تابعت بكل حزن و رثاء، مشاهد مراسم العزاء:
(المشهد الأول): الزوجة النكدية التي عاش بسببها المرحوم سنوات و سنوات محروماً من كلمة حب، أو حتى من نظرة عطف، هي هي بلحمها و شحمها، تخلع على جثته الآن، و بعد فوات الأوان، عبارات المحبة، و أوسمة المودة، و نياشين الغرام!، و تناجيه على الملأ، و بالفم الملآن (ياحبيب روحى) و هي التي ساهمت في طلوع روحه!، و (يا نور عيني) و هي التي طلعت من قبل عينيه!، و (يا مهجة قلبي) و هي التي أتعبت قلبه و أصابته بالسكري و العصبي و ضغط الدم!.
وهي بذلك تصر ـ مع سبق الإصرار و الترصد ـ على فقع مرارته حياً وميتاً!.
(المشهد الثانى): أشقاء المرحوم حضروا بكل همة لإنجاز المهمة! بعد أن تأكد لهم بما لا يدع مجالاً لشك أنه فارقهم إلى غير رجعة، و ليست (العملية) مجرد تمثيلية ـ كانوا يطلقون على الغيبوبة هذا الوصف ـ!؛ تنافسوا على النعش لوضع الفرش والغطاء، لمن عاش حياته بينهم عارياً يلتحف السماء!، و أقيمت السرادقات و أضيئت الأضواء، و استدعوا مشاهير القراء ـ و هم من بخلوا عليه في حياته بثمن الدواء ـ!، و وقفوا بمدخل مسرح العزاء ممثلين الحزن كأبرع ما يكون الأداء!.
ملحوظة: تم تصنيف الدخول كراسي مذهبة للعظماء و الوجهاء، و أخرى (جرباء) للصعاليك و الدهماء!.
 (المشهد الثالث): تم نشر نعي و رثاء بالجريدة العصماء، و ذُبحت العجول و انطلقت رائحة الشواء، و استمر مسلسل الرياء، فعلى قبره ثبتوا لوحة رخام مكتوب عليها بيان، و آيات من القرآن، و حولها الورد و الريحان باقات!.
ملحوظة: صديقي الراحل لو كان رأى في حياة عينيه هذا الحنان المصطنع ما كانش يمكن مات!.
(مشهد تخيلى): أخال المرحوم خارجاً من قبره الآن بهيكله العظمى، مناشداً الجميع بوصيته ـ بعد الأخيرة! ـ قائلاً: الجنازة حارة و البيوت أسرار؛ حُطوا مكان الورد ده صبار!.
(قول مأثور): الذي لا يبكي عليَّ و أنا في الحي سامعه؛ بعد الممات يوفر عليه دامعه!.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نُشر مقالي هذا في موقع دنيا الرأي بتاريخ: 2011-10-16