موت
يا مبروك حتى يقدروك!
بعض الزوجات لا يستطعن
التعبير عن مشاعرهن نحو أزواجهن خوفاً من ردود الفعل الهوجاء... أما بعد أن يأتي
أجلهم و يحل القضاء؛ فلا خوف عليهن و لا عليهم أيضاً من التعبير بطلاقة دون مواربة
أو إخفاء.
ففي ليلة ظلماء انهمرت فيها الدموع من
السماء، حزناً على وفاة أحد الأصدقاء الأعزاء، تابعت بكل حزن و رثاء، مشاهد مراسم
العزاء:
(المشهد
الأول): الزوجة النكدية التي عاش بسببها المرحوم سنوات و سنوات محروماً من كلمة حب،
أو حتى من نظرة عطف، هي هي بلحمها و شحمها، تخلع على جثته الآن، و بعد فوات الأوان،
عبارات المحبة، و أوسمة المودة، و نياشين الغرام!، و تناجيه على الملأ، و بالفم
الملآن (ياحبيب روحى) و هي التي ساهمت في طلوع روحه!، و (يا نور عيني) و هي التي
طلعت من قبل عينيه!، و (يا مهجة قلبي) و هي التي أتعبت قلبه و أصابته بالسكري و العصبي
و ضغط الدم!.
وهي
بذلك تصر ـ مع سبق الإصرار و الترصد ـ على فقع مرارته حياً وميتاً!.
(المشهد
الثانى): أشقاء المرحوم حضروا بكل همة لإنجاز المهمة! بعد أن تأكد لهم بما لا يدع
مجالاً لشك أنه فارقهم إلى غير رجعة، و ليست (العملية) مجرد تمثيلية ـ كانوا يطلقون
على الغيبوبة هذا الوصف ـ!؛ تنافسوا على النعش لوضع الفرش والغطاء، لمن عاش حياته
بينهم عارياً يلتحف السماء!، و أقيمت السرادقات و أضيئت الأضواء، و استدعوا مشاهير
القراء ـ و هم من بخلوا عليه في حياته بثمن الدواء ـ!، و وقفوا بمدخل مسرح العزاء
ممثلين الحزن كأبرع ما يكون الأداء!.
ملحوظة:
تم تصنيف الدخول كراسي مذهبة للعظماء و الوجهاء، و أخرى (جرباء) للصعاليك و الدهماء!.
(المشهد الثالث): تم نشر نعي و رثاء بالجريدة
العصماء، و ذُبحت العجول و انطلقت رائحة الشواء، و استمر مسلسل الرياء، فعلى قبره
ثبتوا لوحة رخام مكتوب عليها بيان، و آيات من القرآن، و حولها الورد و الريحان
باقات!.
ملحوظة:
صديقي الراحل لو كان رأى في حياة عينيه هذا الحنان المصطنع ما كانش يمكن مات!.
(مشهد
تخيلى): أخال المرحوم خارجاً من قبره الآن بهيكله العظمى، مناشداً الجميع بوصيته ـ
بعد الأخيرة! ـ قائلاً: الجنازة حارة و البيوت أسرار؛ حُطوا مكان الورد ده صبار!.
(قول
مأثور): الذي لا يبكي عليَّ و أنا في الحي سامعه؛ بعد الممات يوفر عليه دامعه!.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نُشر
مقالي هذا في موقع دنيا الرأي بتاريخ: 2011-10-16