الخميس، 22 يونيو 2017

(دار للمسنين) في مجتمع من المسلمين!

(دار للمسنين) في مجتمع من المسلمين!
     لاشك أن ظاهرة انتشار المطاعم و الفنادق في مجتمع من المسلمين أمر مخالف لأعرافهم و تقاليدهم بل يتجاوز ماي فرضه الشرع و الدين من صفات الكرم و الشهامة و المروءة، غير أن استغلال تلك الصفات الحميدة على نحو غير مأمون أحياناً جعل البعض يحتاط من أية احتمالات واردة الحدوث؛ فأضحى الكرم بحساب، و الشهامة بحيطة، و المروءة بحذر!.
     فإذا كانت هناك ضرورة ـ طبقاُ لما ورد عاليه من مبررات ـ لوجود مطاعم و فنادق تلبي حاجة عابري السبيل، أو الذين تضطرهم الظروف للمكوث في بلدان غير بلدانهم لفترات من الزمن ـ طالت أم قصرت ـ باعتبارهم بحسب الوصف الشائع (أغراباً)؛ فالشيء الذي لا يمكن أن يكون مُبَرَراً هو ظاهرة انتشار (دور المسنين) حيث يتخلص الأبناء من آبائهم بإيداعهم فيها!.
     قد يكون صحيحاً أن من أحسن الزرع أحسن الحصاد، و أن العقيقة الآن تمنع العقوق مستقبلاً، لكن ألا ترون مع ي أن مخالفة الأمر الوارد في محكم التنزيل: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه و بالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف و لا تنهرهما و قل لهما قولا كريما و أخفض لهما جناح الذل من الرحمة و قل رب أرحمهما كما ربياني صغيرا) هي مخالفة تستحق العقوبة و ليست المعاونة بإنشاء تلك الدور التي يُعد انتشارها وصمة عار على جبين الوطن؛ فدور رعاية المسنين مهما توافرت فيها كل وسائل الراحة و الرفاهية تفتقد لروح الأسرة بدفئها و حميميتها العائلية التي لا ينبغى حرمان الآبوين منهاـ و نسيان ما قدمانه لأبنائهما خلال سنوات عمرهما من رعاية واهتمام...
     ومن عجب أن بعض هؤلاء الأبناء العاقين لآبائهم يقيمون الولائم لأصدقائهم و يقابلونهم بالترحاب، في الوقت الذي يقبع فيه آباؤهم خلف أسوار دور رعاية المسنين دون أن يطرقوا لهم باباً!.
     إن العجز البدني الذى يعانيه الآباء، ليس أكبر من العجز المعنوي الذي يعانيه أبناؤهم؛ هؤلاء الأبناء العاقين متبلدو عواطف و عجزة مشاعر أقترح إنشاء دور رعاية لهم و ليس لآبائهم!.
     إن من عق والديه اليوم، فسيعقه أبناؤه غداً، و كلنا على درب الزمن سائرون.
     إن النعمة الكبرى و الخير العميم الذى يملأ البيت بركة هو في وجود الأبوين بين أفراد الأسرة؛ فلا تحرموا أنفسكم من تلك النعمة الكبرى، و لا تقلدوا مجتمعات أخرى لها تقاليدها التي تحرمها من حميمية التآلف و التراحم و التواد...
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نُشر مقالي هذا في موقع دنيا الرأي بتاريخ 2011-10-23